بوز فلو: أغنية ”نيهيل“ بين الإيمان والفلسفة الكانطية
مقدمة: الموسيقى، الفلسفة، والنقاش حول الإيمان
كيقول فيلسوف المطرقة والعود الأبدي وإرادة القوة، الألماني العظيم فريدريك نيتشه أن “الحياة بدون موسيقى خطأ”، ماشي فقط أتكون ناقصة، بل خطأ بكل معنى الكلمة، مأيكونش عندها معنى وأتكون فارغة من كل روحانية وشاعرية. الحياة بدون موسيقى قتل للحياة كيما كنقول أنا. فراه ماجاش شوبنهاور غا هكاك واعتبرها أسمى الفنون على الإطلاق وكيقول أن “الموسيقى تروي قصة لا يمكن التعبير عنها، لكن مع ذلك يشعر بها كل من يسمعها.”
حيتاش هي ستيل حياة إلا بغينا نقولو، لأننا كنلقاو بنادم عايش مثلا نفس الستيل ديال الموسيقى لي كيسمع، سواء راب ولا ميطال ولا روك ولا الملحون. كتحس بيها جزء منو وربما داك الهيت هو لي عاطي معنى لحياتو.
ولكن بما أن السياق ديالنا هو الراب طبعا فراه ستيل واعر فالحياة وممكن نعتابروه وسيلة تمرد على صعوبة الحياة ومعاناة الإنسان هنا سواء ضد الدولة ولا ضد أي شيء. والفلسفة طبعا هي منذ بدايتها وهي محاولة لفهم الحياة والتمرد على العبثية ديالها كيما كيقول الفيلسوف الفرنسي ألبير كامو فأسطورة سيزيف، لذلك فالراب عندو علاقة كبيرة بالحياة بما أنه نوع من الموسيقى.

تحليل نيهيل: صراع بوز فلو بين الإيمان والشك
وفهاد المقال ختارينا ليكم واحد من أحسن الروابا لي كيكتبو فالمغرب، ولد مدينة إموزار جواد أسرادي المعروف ب “بوز فلو” ، والطراك لي معنا هو نيهيل، و لي كتعني باليونانية والو أي لا شيء. ومن هاد الكلمة أيتشتق اتجاه فلسفي كيقول أن الحياة معندهاش معنى وأن القيم ديالنا كلها فارغة من المعنى لي هو العدمية.
بوز فهاد الطراك ولي أنكتبو عليه مقالات متعددة حيت فيه ميتقال، كيناقش الصراع بين الإيمان والإلحاد وهذا موضوع مهم خاص نوعاو بيه. و بما أن الفلسفة كدوي فكولشي فراه دوات حتى فهاد المفاهيم ديال الإيمان والإلحاد خصوصا فالقرون الوسطى من بعد ما بانت المسيحية والإسلام وحاولو الفلاسفة يوفقو ما بين الفلسفة والدين.
Pause – Nihil (Official Audio)
الربط بين الفلسفة، الإيمان، والراب
بوز فلو كيقول لينا فواحد النوطا أن:
“الخطأ لي تاديرو تتقلبو فالدين بالحاسة، منطق محدود مواجه الكمال هادي نظرة ناقصة، لوجيك الدين مديپاسي ليميت لعقل والماتيير، عطانا الله دماغ بلحق كادرانا بليس بليباريير”.
وهنا بوز كيقول لينا بصفته مؤمن حيت هادي هدرة كيقولوها المؤمنين للملحدين فسياق النقاش حول وجود الله وصحة الدين، وبما أن بوز كيما قال فالوصف ديال الطراك أنه لعب فاللول وجهة نظر مسلمة للموضوع والجزء الثاني لعب كملحد من وجهة نظر ملحدة، فراه هاد النويطة كتجي فسياق أطروحة المؤمن.
الشرح: الخطأ اللي كيديروه بزاف ديال الناس هو أنهم كيبغيو يفهمو الدين غير بالحواس ديالهم (النظر، السمع، اللمس، الخ) بحال العلوم التجريبية.
المعنى: ماشي كلشي فالدين كيتفسر بحواسّنا، راه كاين ما هو غيبي وما يمكنش يتحس أو يتشاف.
ثانيا: لوجيك الدين مديباسي ليميت لعقل و لماتيير.
الشرح: المنطق ديال الدين كيتجاوز الحدود ديال العقل والمادة
المعنى: الدين فيه أبعاد ميتافيزيقية وروحية، ماشي مادية فقط، وما يمكنش نحبسو التفكير فيه غير فالإطار العقلي والمادي اللي كنعرفوه. عطانا الله دماغ بلحق كادرانا بلي بلييبارير.
الشرح: الله عطانا العقل، ولكن حدد لينا القدرات ديالو ماشي مطلق.
المعنى: حتى العقل فيه حدود، وما يقدرش يفهم كلشي، وهاد الحدود هي اللي كتعني أنه الإيمان خاصو يجي فمرحلة من المراحل، ماشي غير المنطق
إذن كيما شفنا بوز فلو هنا كينتقد الناس اللي كيبغيو يقيسو الدين بمقاييس العلم والمنطق فقط، وكيقول باللي الدين مجال كيتجاوز هاد الشي، وأن العقل البشري محدود قدّام الكمال الإلاهي، وماغاديش يوصل لكلشي بوحدو.

الدين والعقل: فلسفة إيمانويل كانط
فهاد السياق كاينا واحد الفلسفة ديال واحد الفيلسوف ألماني عاش فالقرن الثامن عشر كيتبنى هاد وجهة النظر اتجاه قضية وجود الله وحقيقة الحياة بعد الموت وأي حاجة كدخل فخانة الإيمان، و لي هو الألماني العظيم إمانويل كانط. كانط فالفلسفة النقدية ديالو خصوصا فالكتاب ديالو “نقد العقل المحض” لي كان السؤال الأساسي ديالو هو هل الميتافيزيقا ممكنة؟
وكيقصد بالميتافيزيقا ماوراء الطبيعة، أي واش ممكن الإنسان يفكر ويثبت شي حاجة مكنشوفوهاش ولا كنحسو بيها أو كنشموها، بكل بساطة شي حاجة مكتخضعش للحواس، ولي تطرق فيه لهاد المسائل، شاف إن هاد القضايا ديال الله، الروح، نهاية العالم وأي حاجة كيدعيها الدين راه ميمكنش تخدم العقل فيها حيت غير قالبة للتعقل، ميمكنش تبث وجود الله ولا عدم الوجود ديالو بالعقل، حيت هادي مسألة إيمان وليس مسألة علم، وهكا حتى مسألة خلود الروح والحياة بعد الموت، لأن الإيمان هو التصديق بشيء دون دليل، أي الإعتقاد به دون رؤيته أو الإحساس به، هادي هي آلية الدين، ولكن العلم العكس، العلم كيطالب بالدليل والتجربة للتحقق ولا يعتمد على الإيمان.
وبوز هنا بدور المسلم كيقول للملحد نفس هاد القضية، أي أن الغلط لي كدير هو كتقلب فالدين والله بالحاسة، أي أنك ماباغي تيق حتا تشوف أو تحس، و هذا منطق محدود حيت ميمكنش تشوف الله أو الروح أو الجن … هادو مسائل إيمانية وليست علمية وكيعطي حجة هي أن الله عطانا العقل ولكن كادرانا بليباريير، أي أنه ميمكنش تدرك الله بعقلك أو حواسك لان منطقك ومنطقه مختلفين تماما. وبالتالي كيكون استخدام العقل أو الحواس فالدين مجرد مضيعة للوقت فنظر إيمانويل كانط حيت ماعمر شي واحد أيقدر يثبت وجود قوى خارقة أو كائنات خارقة للطبيعة و ميتافيزيقية بحال الله أو الجن أو الروح.
و فنفس الطراك بوز كيكمل بواحد نوطا أخرى كيقول فيها بدور المسلم أنه “مغيكفرش بداتو باش يناقش قدرة بانال، مادام روحي طالعة نازلة غنآمن بالفناء، لكان الدين أوهام كيفاش تابانت الفكرة، كيفاش تبانو الأخلاق والمبادئ شنو لي طرا.” هنا بوز كيقدم حجج أخرى لصالح الإيمان من نظر المؤمنين أنه لكان الدين مجرد وهم كيما قال فرويد مثلا كيفاش تابانت الفكرة، وربما هنا كيقصد بالفكرة أي فكرة الله أو الفكر بصفة عامة، يعني لو كان الدين وهم واختراع بشري كيفاش تابانت فكرة الإله بدون دين يدوي عليه.
وكيتم يقول أنه لو كان الدين وهم كيفاش تابانت الأخلاق والمبادئ، وهادي حجة مشهورة عند المؤمنين ولي كيدعيو فيها أن الدين هو مصدر الأخلاق عند الإنسان وبلا بيه أنوليو كائنات غير أخلاقية، وهذا أمر غلط لانه خطير جدا أننا نربطو الأخلاق بالدين لأن الدين كيختلف وبزاف ديال الديانات كاينين وكولا واحد أيكونو عندو أخلاق خاصين بيه، يعني أيكون عندنا واحد كينتمي لدين معين كيشوف أنه الاغتصاب جيد لمجرد أن الدين يقوله، وآخر القتل وهكذا، بل بالأحرى خصنا نربطو الأخلاق بالعقل لانه هو المشترك بيننا ونوضعو الأخلاق على أساس العقل ومبدأي الصحيح والخطأ.
خاتمة: الإيمان، العقل، وقوة الراب
إذن كيما شفنا مع كانط وبوز فدور المسلم، مستحيل تثبت وجود الله بالعقل ولا تخدم العقل فالدين، حيت أتوقع فما يسميه كانط تناقض وأغاليط ، أولية غا كتخربق بهاد المعنى … إذن لكل شيء مجاله: الدين كيعتمد على الإيمان والعلم كيعتمد على الدليل والبرهان. ولنا وقفة أخرى فهاد الطراك نيت فنوطة أخرى وفسياق هاد النقاش الأزلي بين الإيمان والشك.
Author
- View all postsديونيسيوس، بصفته أستاذ للفلسفة ومحب لموسيقى الراب، كيربط بين الجانب الفكري العميق وثقافة الهيب هوب من خلال الفيديوهات التحليلية اللي كيقاد. متخصص في الراب المغربي، كيقدر يفكك الإشارات الفلسفية اللي كاينة في الكلمات ديال الفنانين اللي عندهم عمق فكري كبير في الراب المغربي – منهم المورفين، بوز، رائد، وذيب – وكيبين كيفاش الموسيقى ديالهم كتعالج قضايا وجودية، ونقد اجتماعي، وحتى إشارات مباشرة لفلاسفة بحال نيتشه أو كامو. الخدمة ديالو كتحول شعر الشارع لحوار مع الفكر الأكاديمي، وهذا كيأكد باللي الفلسفة كاينَة و عايشة ماشي غير في القسم.